الفالنتاين.. إدريس الكافر.. هيلين الفنلندية.. وناس قريعتي راحت!!



صباح أسكندنافي جميل قطعت خطوات سيري من مدينتي هبراندا قاصداً صديقي إدريس بفنلاند في مسافة لا تتجاوز العشرة دقائق في طريق إفترشته الثلوج... أرهقني إدريس رنيناً وشاتاً وماسنجر!! ولاحقني بغير قليلٍ من الرسائل لأوافيه بشقته الأنيقة بتورنيو هذا الصباح.. فقط لأقص ما تبعثر من شعره المبعثر والمجعد بطريقة مدهشة تتعزر معها كل مقصات حلاقي فنلاند خصوووصاً إن تولت أمر قصه فتاة من تلك النوعية الموشومة التي أعرف..
وإدريس لمن لم يلتقيه هو مواطن سوداني كامل الدسم طويل القامة عريض المنكبين عيونه عسلية وشعره كما أسهبت، من نواحي أمبدة حمدالنيل، شب الفتى تنازعه أحلام الخروج من بوتقة المكان بإتجاه الشمس - أوربا- ( فجازف وجازف) إلى أن حط رحاله باليونان ومنها إستغل عربات الموت بالأسفل وكان شعاره (يا فيها يا نفسيها) وموت موت.. حياة... حياة!! بعد أن ضاقت به السبل في وطنه الذي خلفه وراءه.. نسيت أن أقول أن إدريس حاصل على بكالريوس في الهندسة المدنية هذا ما أثبته لي بياناً بالعمل وأنا أرى شهادته متموضعة في مكانها البارز في مطعمه الصغير بأمبدة السبيل في تلك الصورة التعيسة كما أبان..
قطعت خطواتي على عجل بعد أن إهتز جوالي للمرة العاشرة ولكني لم أكلف نفسي عناء النظر للرقم المتصل.. من يكون غير إدريس!!
وصلت مدخل البناية وقاطعت طريقي فتاة إنهمرت دهشة في الطريق تسحب كلباً محشوراً بأناقة في تشيرت بُني حمل الرقم سبعة ولكأنه - إبن الكلب- راؤول غونزاليس!!.. دلفت إلى شقة صديقي وقبل أن تمتد أصابعي للجرس كان إدريس قد فتح الباب!!
- يازول خير في شنووووو؟ مقومني من الصباح وكرّهت تلفوني العافية؟
- في شنو كيف؟ اليوم ما الفالنتاين
كنت أعلم أن اليوم عيد العشاق!!... الجميع في السويد يعلم بأن اليوم هو الhjärtans dagen .. رياض الأطفال في تلك الأنحاء تعلم!! باعة اليانصيب، العمال والموظفون..... لكن ما علاقة الأمر بإدريس؟؟؟ صحيح أنني دأبت مؤخراً على السهر معه على وقع أشد أنغام سوق الكاسيت لدينا بالسودان إبتذالاً وهبوطاً في الساحة الفنية .. صحيح أنني وبعد ولائم نهرق فيها كل أنواع الشراب - الحلااااال- كثيراً ما أصحبه إلى أزقة سحرية لم يتسنى لإدريس إكتشافها بعد وكثيراً ما أدهشته!!! لكن ما علاقة الأمر بإدريس الجديد نسبياً في إنتمائه لفنلاند ؟؟؟؟
- يا زول داير تجنني مالك؟؟ مصحيني من صباح الرحمن وجايبني أحلق ليك السلوك الفي راسك الغليد دة وشابكني عيد الحب؟؟
بفرح وبلهفة تناول المقص حاول أن ينفش نفشتين في شعره لكنه إستسلم حين لم يستجيب المشط، بتواطؤ همس:
- هيلين
- هيلين دي منو كمان؟؟ ما كنا أمباااارح دي في أمسك لي وأقطع ليك!!
- لا لا لا هيلين دي مختلفة
- شوف يا إدريس إنت الظاهر داير تجيب أجلك.. بنات البلد ديل كلهم بيتشابهو..بنات بيض شعرهم أشقر وعيونم زرق كدايس بس!! بعدين برنامج أمسك لي وأقطع ليك دة مالو؟ عيّبو لي!!
- قلت ليك دي مختلفة... أفهم يا بشر.... ياخ مليت من بنات الديسكو و- شكش- المولات....
حدثني إدريس - أثناء الحلاقة- عن حبه القديم، طافت سحابة حزن على وجهه وهو يحكي عنها تلك فتاة الفتيحاب التي - فتحت - له من أول طرقة لعريس حكومي تخين، تموضعت على جبهته علامة قاتمة إجتهد كثيراً في وسمها في صلوات إحتفالاتهم العديدة بعيداً عن الرب! أخبرني أن للمسئول الحكومي زوجتين ضم فتاة الفتيحاب لجوقة نسائه تماشياً للموضة السائدة لآكلي السحت والمال العام.. أحبط الكوز مشاريع إدريس ودفعت به آلامه للفرار.. شق رحلة عذاب طويله في بلدان أوربية عديدة رفضت إعطاءه حق اللجوء والعيش الكريم .. إنتهت رحلته بشمال دول الإسكندناف بعد أن قبلت فنلندا إستضافته ضيفاً غير ثقيل الظل.. إستخرجت له أوراقاً ومنحته حياة جديدة... كانت فنلندا كريمة مع صديقي فوهبته مالها وطعامها ونساؤها مجاناً وهاهو إدريس في هذا الصباح المبكر يحدثني عن حوجته لأمرأة... ويعلنها بالإسم هيلين في عيد الحب!!
- طيب يا إدريس أخوي بدل ما تتورط في القصة خليها تقعد معاك - سامبو- يعني خليها بس غيرل فرند لحدي ما تعرس ليك بت من بلدك.
- بلدي!!
بحركة عنيفة أجفل إدريس وكانت الحلاقة في مرحلة حساسة ما تسبب في جرح غائر خلف الأذن الشمال لكنه لم يهتم!!
- قلت لي بنات بلدي؟؟ ياتو بنات ديل؟
- كيف الكلام دة!! بنات أهلك طيب!!
- إنت يا فرو زول وهم و لاشنو؟ أربعة سنين قدرة الفول في المطعم حقها مشى كريمات سااااااكت في وش الزولة الباعتني دي تقول لي بنات وطنك؟!!
- ياخ دي حالة شاذة ما تعممها.
- طيب إنت دة مالك ماشي بعيد تقدر تقول لي لحدي هسه ماعرست مالك؟ ماشاءالله عليك أشهر عزابي في نوربوتن!! جيب ليك وطنية ياخ!!
- أنا وضعي مختلف بعدين بديت مشروع وقريب حا أع.....
- أحلق أحلق.. هيلين وبس ما تناقشني تاني....
أكملت واجبي كأروع ما يكون.. جلت بنظري في شقة صديقي... باقة ورد حمراء تموضعت بأناقة في ركن قريب... قنينة الشامبانيا في علبتها المذهبة... ستهرق في المساء وإني لأكيد أن إدريس سيحتفي بهيلين كود بلد يعلي رايات بلاده طوال الليل في تلك الأنحاء الباردة من العالم .. الساخنة في غرفة إدريس..
نعيماً... هاتفت إدريساً وأنا أهم بالخروج مستأذناً عودتي للبيت... في طريقي للباب أشرت إلى قنينة الشامبانيا..
- علماء بلدنا حا يهدروا دمك يا إدريس لو كتبت عنك...
- عليييييييييك الله أكتب ( إدريس كاااااااااااااااااافر)..
سحبت الباب في هدوء... قابلني في المدخل إبن الكلب راؤول غونزاليس عائداً من جولته صحبة فتاته المدهشه.... شبه هيلين..
بدرالدين فرو...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حنك النمل البيعضي..الما بعضي ما معانا..!!

إلى.... خفاش..!!

الدكتاتور