بشكلٍ.. مختلف!!



عزيزتي...........
لا فرق عندي إذ أجيئك هذه المرٌة...... بشكل يختلف..
بكفي بقايا لقصص قديمة لم تعد صالحة لأرويها لك..بداخلي موجات أشواق لم تسعفها الرياح لتصل إلى قلبك ، وخيبات لا تحصى..فالعمر لم يعد يسعف للعودة وتصحيح المسار الضائع..
نعم أكتب إليك هذه المرة بشكل مختلف..فعندما إخترتك ـ دون سواك ـ أميرة متوجة في عرش قلبي الواهن ،كنت أختبر يقيني الذي لم يخدعني مثلما إنخدعت في الآخرين..
فعندما يكون الشك مرادفاً للحب، ويكون الحب مرادفاً للصدفة،الأجدي لنا أن ننسحب قبل أن يدركنا قبح الأشياء؟!.فالروح في حضرة المعشوق ........ تفنى..تتماهى وتغيب..والإيمان التام بالمطلق الموجود..يبعثر..كحالتي تماماً..لا شئ يوحي بأنني موجود!!..محاربة طواحين الفراغ، وإثبات حالة عشق مستحيل، متعبة وقاسية..حالة ملتبسة..وأنا لم تعد لدي قوة أسلاف العشق العظماء لخوض غمار حبك المقدسة لدي،ولا فلسفة الأنبياء العقيمة لفك طلاسم الكون المبعثر في الفوضى المريبة..
ولأني أكتبك بشكل مختلف..تسائلت مرار!!،هل نحب إذ نعلن للآخر أنا نحبه أم نمتحن النفس إذا كانت قادرة على أن تكون شيئاً مختلف؟..حقيقة لا أدرك كم يلذمك من الإنكسار والألم لتدركي ماهية الحالات التي تلبستني تجاهك..لتدركي أنني طوال أعوام هنائك التي خلت كنت أركض حافياً وراء غيمة جافة مثل رحمٍ يابس لا ينجب إلا رعشة الفراغ؟!..وإن ما كنت أظنه مطلقاً لم يكن إلا صورة وهمية لأشواق أردتها أن تكون حقيقية من جانبك..أحسها..أشمها..وألمسها..أهيم بها وبك بدلاً من ترددك وإختفائك المستمر في المساحة الرمادية للأشياء!..لست أعلم كم يلذمك من الوقت لتعلمي أن ما بيني وبينك شبه الدم والنجوم والخوف!! يتمدد بدفء مابيني وبينك دون خوف أو وجل..لست أدري كم يلذمك لتتماهي مع حالة ثبات وتتفردي عن بقية الخلق وتدركي أن الحب الحقيقي حالة لا تطاق علينا أن نعيشها بصدق لندرك الشطط الحقيقي للمتعة والخرافة..والجنون!..لست أدري كم يلذمك وقتاً لتدركي أن حبي لك صار قيداً ثقيلاً على الروح والجسد والحواس..غلالة شفافة تتلبسني..حلماً أعيشه وحدي وأنت تتلذذين بإحتراقي أو أنت تعيشين عالمك الساحر بمذيد من القساوة والألم؟!..هل تستحق حياتنا كل هذه القساوة والتمادي في الألم لنرضى عن عالم نصنعه أو يصنعنا بدفء العلاقة وهمس الصغار؟!..ألا يكفينا هذا الجمود الذي يطحن كل حميمياتنا وخلواتنا المنكسرة لتزروها الرياح؟!..
ثم كم يلذمك لتدركي أن الحب شئ آخر..أكبر من الإهتزاز داخل فراش وثير..هو ألم نصنعه نحن ويشتهينا.. نفهمه نحن وإن لم يفهمنا الآخرون في اللحظة نفسها.. والأهم ألا نؤطره بأي مساحة نمرر عبرها فشل إثبات حالته بمسميات محتشمة لأوضاعنا الإجتماعية رفيعة المستوى....
آتيك بشكل مختلف وليس في نيتي أن أهز راحتك الصغيرة وعشك الهادئ ،فأمامك عمر،وأمامك أحلام....لا..أنت لم تفعلي ما يؤذيني..فقط وددت أن تنزعي عنك لباس الصمت والخوف والجبن..تشجعي وإلبسي معي رداء المتعة وألم الشوق والإنتظار المفخخ الجميل ،وسيري معي أو وحدك في دروب لست أدري إلى أي حالة ستفضي؟!..فدون ذلك لا شئ يغريني لمذيد من الركض الذي لن يوصلني إلا إلى خطوتين وراء نقطة البدء وموعد الصدفة!...ألم يكن اليوم الذي إلتقيتك به مجرد صدفة؟..صدفة تم تضخيمهاـ من جانبي ـ آلاف المرات حتى صارت حباً؟!!..وأنت ياسيدتي ألم تقبلي أن تلعبي معي وقتها لعبة الصدفة؟..لا تنكري..فمن تجرأ على اللعب عليه أن يتحمل قساوة فك أسرار الظلال!..هكذا نحن يوصلنا صدقنا دوماً متأخرين!،وعندما نصل يكون الحظ حليفنا في النهاية بإستمرارنا في اللعب الصادق الصريح (بكشف المشاعر) والكذب الصريح (بإخفائها)..كل على حدة!!!
أنا لست الأول في الدنيا الذي تغويه الصدفة..ولا الأخير أيضاً..لكنني الأول الذي قابل الصدفة على شكل طفلة عاشقة من شعرة الرأس إلى أخمص القدم!!..وعندمالامس عمقها ـ أو هكذا خيل إليه ـ صارت رماداً وغباراً قبل أن تصير بياضاً يشع في الممشى العريض يحضن كفها آخرون!..ثم ظلاً حثيثاً فصله جلباباً كسا جلده المنهوش في المنافي والفراغ..ولم ينذعه..أبداً..!
وبعبق تلك المنافي البعيدة سيدتي..آتيك بشكل مختلف!..فحساسية المهاجر تتضاعف كثيراً عندما يخسر أهله وأحبابه..وأصعب شئ لمهاجر أن يحمل في قلبه زكرى إمرأة لم يشبع منها..إمرأة خسرها..أنا لا أريد أن أخسرك..لا..أنا أريد أن أنسى..أنسى فقط!!
أنسى البلاد التي ترضعنا الدم والخوف وكثيراً من الأسئلة المستعصية؟..البلاد التي نكٌست رايات الفرح ولفظت أبنائها تتنازعهم المنافي!..البلاد التي لبست حدادها بإستحياء لأن اللون الأسود لا يتماشي مع معيار اللون السائد..البلاد التي أذلت فرحتها وانتعلت أحذيتها القديمة لتتقن (الشلوت)!..أريد أن أنسى..فلربما عرفت هذه البلاد ـ بعد زمن ـ ! كم كانت مخطئة إذ أخطأت الطريق الموصل إلى عاشقيها الذين ينطفئون الآن بين يدي قاتليها من الخصيان والغلمان فاقدي الشرف والرجولة!..
.....
أعترف لك اليوم..هذا اليوم الذي سيغتال زاكرتي حتماً..أنني أخطأت كثيراً في حق أخريات..أتمنى أن يجمعني بهم زماناً..فقط كي أعتزر!..فالذنب يسحقني..صدقيني..أنني كلما إشتهيت أن أنساك كنت أدفن عشقي في صدور الأخريات!!..لا..لا.. ليس إشتهاءا فيك..معاذ الله..حماقة أسميها وشعور خفي بالإكتمال حين أرفض؟..كنت أسائل نفسي ،أما كان من الأجدى أن أترك جسدي يحترق على نهود عشرات النساء ممن إلتقيت؟..فلا حب إلا ما تسرقه الروح الضالة في لحظة يأس؟!..نتوهم حينها فرحاً لا يضاهى وننسج خرافة ونستحضر المعشوقة ونعانقها بجملة خيانات!!..عجيب؟!..لقد أحببتك إذ إشتهيت الأُخريات!!!.
ولكن أين الإختلاف..تتسائلين؟نفس مضمون الخطاب؟..كلمات الهيام..ومحاولات الإحتواء!..العشق قسراً لعلاقة أطرتها ضمن مساحة لا تتجاوز..بوتقة التواصل والإحترام المتبادل ورسائل رقيقة ترسم الفواصل وترفع العتاب..بين الحين والآخر فلا ضرر ولا ضرار..
أنا أعفيك يا ساحرتي وأعتزر بعمق عن حماقاتي المكررة..إصراري البليد وغبائي المتعمد لمحو الفواصل الدقيقة بين الإحترام والإبتذال..
عزيزتي لابد لي أن أنسي برغم صعوبة القرار..فللحب العميق ثمن ولابد لي أن أدفعه..صدقيني لا مفر من إنسحابي ..يا حبيبتي..أقولها للمرة الأخيرة..سأفعل مثل الساموراي عادة عندما يخسر حروبه المقدسة..سأمتشق سكين المنفى وأمضي في هدوء..قدري المنفى..قد أعود يوماً ما..تطول هذه (الما) أو تقصر..لكنني حين أعود سأحرص على لقائك ولو بوجه عابر..وقت يسمح لي بإعتزار عن كل حماقاتي معك..وما أكون قد تسببت فيه من إضطراب خواطرك ..أنا أعلم أن عودتي مؤخراً قد بدلت قليلاً من قناعتك.. أفهمك تماماً.... وإن لم تصرحي بذلك بدافع من كبرياء و(غرور) سخيف يجتاح حميتك..لكن كان لذاماً علي تلك العودة  وإن تأخرت كثيراً..
وأستطيع اليوم أن أقول بلا تردد..رافعاً رأسي للذي فوق!!: لماذا تخليت عني في وقت مبكر قبل أن ألعنك؟..لماذا لم تحمني عندما نهش جسمي وشردني الآخرون..تجارك؟..لماذا لم تجعل الطفلة التي أحببت تقاسمني كلمات الشوق والحنين؟!..أعطيتهم كل شئ!!..ولم تعطني إلا الفراغ إنسانية ممذقة بهوية أجنبية مشوهة وبطاقات تبضع كثيرة جداً..لا تشتري وطناً حقيقي..ولا تلذمني في شئ!!..إسمعني أرجوك!...قبل أن تقعقع ضحكتك الكريهة وتولٌي أمر العباد للغير وتنصرف لحورك بكسلك المعتاد!!...
إسمعني بشكل مختلف...الحب يا كبير ..أكبر حالة إلتباس..قد نحب أحداً لا يلتفت نحونا مطلقاً!..قد نذوب ولهاً وهو لا يعلم أبداً بوجودنا!..قد نعشق جلادنا؟..أنا أعلم يا كبير أن عطش الروح وكل شئ لم يشبع بشكل كافي ، ستبقي شهوته معلقة إلى يوم تستفيق فيه كالبركان الميت..عندما تتخطفنا الرغبات المدفونة يخرج إلى النور ما يمكن أن نسميه حباً مثل ماءٍ صافٍ بين الصخور الزرق..
لكنه عندما يخرج ، تكون الدنيا قد ماتت في أعيننا؟..والزمن قد مر!..والجسد قد كلٌ!..والبصر قد زاغ عن غيه!..والعمر قد راح!..وحينها تحملنا للصدمة يصبح مضاعفاً..قاسياً وثقيلاً...وهذا هو الإختلاف.............ياالله..ياغفور..يارحيم..
....
عندما نحب أحداً لا ينبغي لنا أن نؤلمه..ولأني أحبك لم أشعر بكل هذا التوحد قبل أن أراك..المسألة معقدة..قد تفهميني في يومٍ ما..نوع من الأنانية ربما ..غيرة جنونية ..أشياء كثيرة تدفع بي للفرار..نيراني ستحرقك ..فدعيني أطفئها بعيداً دون أن يمسك لهيبها..الزمن كفيل بإخمادها..سأكون بخير..

.....................................
زكرياتي ستبقى شاهداً أنني أحببتك حب عبادة....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حنك النمل البيعضي..الما بعضي ما معانا..!!

إلى.... خفاش..!!

الدكتاتور