ميمونة ( راجل المرة دة حلو حلاة) 1-2


في منطقة فقيرة من تلك المناطق المحيطة بالخرطوم إحاطة السوار بالمعصم شبت ميمونة إلي مرحلتها الحرجة وبدأت معالم أنوثتها الكامنة في الظهور..
وميمونة التي عركت شراسة الحياة ومصاعبها في تلك الأحياء الطرفية منذ نعومة أظافرها بدت أكثر تماسكاً في هذه المرحلة .وأختلفت عن رفيقات دربها في شئ ميزها وهو طموحها العنيف للخروج من بوتقة المكان برغم صغرها وضعف عودها كانت دائماً تتطلع للخروج علي متن واحدة من هذه السيارات الفارهة التي تتسلل دوماً إلى حيٌهم خلسة يحملُ ركابها ما تسنى لهم من تلك المشروبات البلدية التي تعينهم على الإتيان بأعمال يعجز الجسم العادي عن القيام بها لما تضفيه على شاربها من نشاط وهمة وحيوية!!..تلك المشروبات القوية التي إشتهرت منطقتهم بإنتاجها برغم حملات الحكومة المتكررة وفشلها التام في ترويض نساء تلك الأحياء عن الكف عنها حيث كان يشاع سراً أن أفراد الحكومة في تلك الحملات كانوا يقبضون الثمن نقداً أو شراباً مع تخصيص مجموعة (مخصصةمن حسان الحي لبعض ا لضباط في مواقع القرار يقضون منهم وطراً وهو ما كان يشجعهم على النهوض دوماً من جديد عقب كل حملة فاشلة..
الصوت الدافئ ذو (البحةالحذينة هو أول شئ يأسرك عندما تتحدث ميمونة قبل جمالها الذي لا تخطئه العين والذي فضحته عيون عشاقها ومريديها من أبناء الحي يتنافسون فيما بينهم للظفر بقلبها ، إلا أنها كانت تترفع عنهم بأسلوب حزر فيه من الرصانة ما ينبئ أن صاحبته تخبئ خلفه كل وقاحة الدنيا ، وهذا ما جعل الجميع يخشاها وهي ترمقهم بهذه النظرات النارية المتحفزة دوماً فلا يتجاوز واحدهم عباراتيا الله القوي!..الغزال الليلة جاي من وين؟..والله الشوق بحر..)!!
وهم الذين يسبون الدين ويتجرعون ألفاظ المسبات البذيئة بإعتيادية شربهم للماء دون إعتزارأحدهم للآخر ودون أن يحفل هذا الآخربما قاله الأول!.. وحده أستاذ عباس جارهم من شغل تفكيرها ، كانت تحبه حباً شل تفكيرها وعجزت عن كتمانه حتى علم جميع أهل الحي من هو صاحب الحظ السعيد..
والأستاذ عباس كائن غريب في أطواره! ..أو أن الرجل صورة فريدة لكمية من التناقضات يحملها في ذاته؟..هو شاب في أواسط العشرينيات من العمر نحيف وعلي قدر من الوسامة دامع العينين بشكل دائم ، يهتم ويعتني (بسكسوكتهالتي أطلقها بطريقة جانبه الصواب في إختيارها.. وعباس ليس أستاذاً في الأصل،غير أن الشاب تفوق في دراسته وألتحق بإحدى الكليات ..يجادلك في كل المواضيع لا يمل الحوارلعب التاكندو وإشتغل حداداً عشق الرسم وكان له نشاط سياسي كبير ، غير أنه لم يثبت في حزب واحد أقل من شهرين ، كان حزب أمة ثم بعثياً وأنقلب شيوعياً وأخيراً تصوف ، ثم ترك التصوف وأنصرف للفن وهو الذي شجع ميمونة على الغناء..
كان يحمل عوده أينما حلٌ مطرباً مفضلاً لمجموعة سكارى الحي ، وهم من أطلقوا عليه لقب الأستاذ والتصق اللقب عليه بعد ذلك كظله لا يزكر عباس إلا وسبقه الأستاذ..
تأثرت ميمونة بالأفكار التي كان دائماً ما يرددها عباس عن حتمية خروجه من ضحالة المكان الذي لا يتسع لأستاذ مثله ، مؤكداً على قرب إنعتاقه الأبدي من بؤرة الإهمال لأكفاء في قامته..والغريب أن الأستاذ عباس غادر بالفعل ، أفاق الحي متأخراً ولم يجدوا عباس يدندن بعوده مستنداً على تلك (المزيرةالخالية من الأزيار ركنه المفضل!..
تلقفت ميمونة أخبار سفره من سكارى الحي ، إذدادوا تطاولاً وجرأة منذ رحيل عباس كلما مرت بمجموعة سمعت من أمثال تقوم بينا العربية تودينا أمريكا..أو..تجي ولا نجي لى مطار أبوظبي) .. حقيقة لم يعلم أحد أين سافر الأستاذ عباس ، غير أن مجموعة السكاري تصر أن آخر أغنياته معهم سب فيها الحكومة وهو مافسرته الجماعة بسفره إلأكيد إلى أمريكا!!..
مغادرة عباس للحي وأفكاره عن ضرورة الإنعتاق صادفت هوىً قديم في نفس ميمونة التي أوقد عباس فيها جزوة الغناء فبرعت فيه وبدأت تتحسس طريقاً للخروج.
النشاط الفني للمطربة الصاعدة بسرعة الصاروخ ميمونة في تذايد مستمر في الأحياء المجاورة الصوت الدافئ و(البحةالحذينة عانقا الشهرة وعالم الأضواء في وقت وجيز..ميمونة الآن نجمة الشباك الأولى يتهافت الجمهور لرؤيتها وسماع صوتها .. شهرتها الواسعة دفعت بالتاجر المعروف (ودتمبولللإقتران بها قبلت ميمونة الصفقة التي إستحوزت بموجبها علي نصف أملاك التاجر المتصابي .. طموح ميمونة للخروج إلى فضاءآت أرحب قلص حجم مساحة السنوات الشاسعة ما بين عمرها وشيخوخة ودتمبول وهو عمر يكشفه أصغر أبناء التاجرالذي يكبر ميمونة بعامين؟!..
وميمونة تتألق في حفلاتها تردد في غنائها :ـ يا فاطمة بت مصطفى..البريدو جافاني وأبا..أبا وأبا..عباس دة أبا..)
غنت ميمونة للكثيرين في مشوار عمرها الفني القصير جداً، لكن في جزءكبير من أغانيها كانت تخصص مساحة واسعة لحبيبها الغائب عباس.. هذه المساحة التي كانت دائماً موضع جدل وخلاف دائم مع ودتمبول!؟..
ولكن عباس من منحها الأمل ..هو الذي ألهمها روح الكفاح ..لن ترضخ لودتمبول..عباس حبيبها وسيظل..آه من حبيبي الغائب بأمريكا..ألاذلت تزكرني أم تراك قد تزوجت من أجنبية الآن؟!..
طالت الوصلة الغنائية وميمونة تفكر في حبيبها الأستاذ عباس..إشتعلت ساحة الرقيص وهي تطالب الفنانة صاحبة الصوت الدافئ و(البحة)الحزينة بالمذيد ، (آآآبشري ياااميمونة..) أفاقت من شرودها عندما نفحها أحد السكارى ورقة من فئة الخمسة جنيه كنقطة كبيرة تحسب له غير أن جموع الراقصين داست على الفئة الصغيرة التي تركتها صاحبتها تنزلق عن جبهتها دون أي إهتمام يزكر!!..
أنهت ميمونة وصلتها سريعاً وتلفتت وهي تسحب السكران من يده بعيداً عن الحفل..
ميمونة :ـ عباس!!(سجم خشمي جيت من أمريكا متين!!؟)..
عباس:ـ أمريكا شنو..آآآنا مشيت السعودية شش.ش.شهر واحد جابتني الكشششة!)..نطقها بأنفاس مبخورة بكل رائحة الصُنان الصادرة من إبطيه وقزارته البادية عليه ، ثم أردفها بإبتسامة صفراء كشفت عن جزء كبير من أسنانه المعطوبة والمنخورة بفعل السعوط وسجاير البنقو :ـ بس أخيراً..قااابلتك قالوا بقيتي فنانة مشششش.. مشهوورة..وأستاذ عباس محتاج لييهو شووية قرريشات عشان ينعتق من البلد الما بتقدر دي يااااخ)..
زرفت ميمونة دمعة كبيرة..وعندما إستأنفت فاصلها الغنائي ، كانت تردد بصوت دافئ ذو (بحةحذينة :ـ مقدرة راجل المرة دة حلو حلاة..ود تمبول دة حلو حلاة..)........!!!!!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حنك النمل البيعضي..الما بعضي ما معانا..!!

إلى.... خفاش..!!

الدكتاتور